المقدمة
تعتبر مهنة التقديم التلفزيوني واحدة من أهم المهن في مجال الإعلام، حيث يؤثر المقدم بشكل كبير على كيفية تلقي الجمهور للمعلومات، إن كما دوره لا يقتصر على نقل الأخبار فقط، بل يتعدى ذلك ليشمل بناء الثقة مع الجمهور،وتقديم المحتوى الترفيهي، وتحفيز الحوار والنقاش، ووفقاً لدراسة أجرتها "نيلسن"، فإن 70% من المشاهدين يختارون البرامج بناءً على المقدمين الذين يثقون بهم ويرتبطون بهم.
إن مقدم البرامج هو الواجهة التي يراها الجمهور، وهو المسؤول عن إيصال المحتوى بطريقة تجذب الانتباه وتحافظ على اهتمام المشاهدين، ويتطلب هذا الدور مزيجاً من المهارات الفنية والاجتماعية والشخصية، بالإضافة إلى القدرة على التكيف مع مختلف الظروف والمواقف.
لقد شهدت مهنة التقديم التلفزيوني تطوراً كبيراً مع تطور التكنولوجيا ووسائل الإعلام من الراديو إلى التلفزيون، ومن البث التقليدي إلى الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وتأقلم مقدمو البرامج مع هذه التغيرات لتحسين تواصلهم مع الجمهور،ووفقاً لتقرير "بيو للأبحاث"، فإن نسبة الجمهور الذي يتابع الأخبار عبر الإنترنت زادت بنسبة 30% في العقد الأخير.
أولاً: المهارات الأساسية لمقدم البرامج التلفزيونية
1- التواصل الفعّال
إن التواصل الفعّال هو أساس التقديم التلفزيوني ويشمل ذلك القدرة على التعبير بوضوح، الاستماع الجيد، والتفاعل مع الضيوف والجمهور، ويشير استطلاع أجراه معهد الاتصال الجماهيري إلى أن 85% من مقدمي البرامج يعتبرون التواصل الفعّال أهم مهارة في مجالهم.
2- التحكم في الصوت والإلقاء
يتطلب التقديم التلفزيوني صوتاً واضحاً ونبرة متوازنة، كما أن التحكم في التنفس، والتحدث ببطء ووضوح، واستخدام نغمات مختلفة لإبراز النقاط الهامة كلها مهارات ضرورية، وفي دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا أوضحت أن 38% من تأثير الرسالة يعتمد على جودة الصوت والإلقاء.
3- لغة الجسد وتعبيرات الوجه
تلعب لغة الجسد والتعبيرات الوجهية دوراً كبيراً في التواصل غير اللفظي حيث تشير الدراسات إلى أن 55% من تأثير الرسالة يعتمد على لغة الجسد ويجب على مقدم البرامج أن يكون واعياً لإيماءاته وتعبيراته لضمان تناسقها مع ما يقوله.
4- إدارة الوقت والتركيز
إدارة الوقت ضرورية لضمان تغطية جميع المواضيع ضمن الإطار الزمني المخصص، كما ويجب على مقدم البرامج أن يكون قادراً على التركيز والتفاعل مع الأحداث الطارئة دون أن يفقد السيطرة على إدارة البرنامج أو الحدث الذي ينقله.
5- التعامل مع الجمهور والضيوف
يجب على مقدم البرامج أن يكون قادراً على بناء علاقات إيجابية مع الجمهور والضيوف، مما يتطلب مهارات اجتماعية قوية ولباقة في الحديث سواء قبل تقديم البرنامج والظهور على الشاشة وأثناء ذلك وبعده.
ثانياً: أنواع البرامج التلفزيونية
1- الأخبار والنشرات الإخبارية
تتطلب الأخبار دقة وسرعة في نقل المعلومات ويتطلب إعداد الأخبار جمع المعلومات من مصادر متعددة والتحقق من صحتها.، وفي تقرير لوكالة "رويترز" لعام 2023 أشار إلى أن 40% من الجمهور يعتمد على النشرات الإخبارية كمصدر رئيسي للمعلومات.
2- البرامج الحوارية
إن البرامج الحوارية تركز على النقاش وتبادل الآراء وتتطلب مهارة إدارة الحوار وتحفيز النقاش دون التحيز لأي طرف. وفقاً لاستطلاع "غالوب"، فإن 60% من المشاهدين يفضلون البرامج التي تشجع على النقاش المفتوح.
3- البرامج الترفيهية والمنوعات
البرامج الترفيهية تشمل الألعاب، العروض الموسيقية، والمقابلات الفنية. تتطلب هذه البرامج مهارات ترفيهية وقدرة على الإبداع. إحصائيات "نيلسن" تشير إلى أن البرامج الترفيهية تشكل 35% من إجمالي وقت المشاهدة التلفزيونية.
4- البرامج الرياضية
تشمل البرامج الرياضية على التحليلات الرياضية والتعليقات على المباريات ويحتاج المقدم إلى معرفة دقيقة بالرياضة وفهم قواعدها وتحليل الأداء الرياضي، ووفقاً لدراسة "ESPN"، فإن 45% من المشاهدين يتابعون البرامج الرياضية بانتظام وهذه قاعدة جماهيرية كبيرة.
5- برامج الواقع
إن هذه البرامج تعتمد على تصوير الحياة الواقعية وتتطلب مهارات في التفاعل مع المشاركين وإدارة المواقف غير المتوقعة وفي تقرير "Cision" أشار إلى أن 25% من البرامج الجديدة التي تُطلق كل عام هي برامج واقع.
6- البرامج الوثائقية والثقافية
تركز هذه البرامج على تقديم معلومات مفصلة وموثوقة حول مواضيع معينة وتتطلب إعداداً مكثفاً وبحثاً دقيقاً ووفقاً لاستطلاع "بيو"، فإن 20% من الجمهور يفضلون البرامج الوثائقية للحصول على المعلومات الثقافية والعلمية.
ثالثاً: التقنيات المطلوبة لكل نوع من البرامج
1- تقنيات إعداد وتقديم الأخبار
تتطلب الأخبار استخدام تقنيات البحث والتحقق من المصادروكتابة النصوص الإخبارية والتدريب على النطق والإلقاء ووفقاً لدراسة "رويترز"، فإن 50% من الأخطاء الإخبارية ناتجة عن نقص في التحقق من المصادر.
2- تقنيات إدارة الحوارات والمناقشات
تتطلب البرامج الحوارية توجيه الأسئلة وإدارة الوقت وتحفيز المشاركين على تقديم آرائهم بشكل منظم وفي دراسة لجامعة "هارفارد" أشارت إلى أن 70% من نجاح البرامج الحوارية يعتمد على مهارة إدارة الحوار.
3- استخدام التقنيات الترفيهية في المنوعات
هذه النوعية من البرامج تتطلب التفاعل مع الجمهور واستخدام المؤثرات البصرية والصوتية وإدارة الفقرات الترفيهية وأشار تقرير "نيلسن" إلى أن البرامج التي تستخدم تقنيات ترفيهية مبتكرة تجذب 30% جمهوراً أكثر من البرامج التقليدية.
4- تقنيات التحليل الرياضي والتعليق
أهم عنصر في هذه البرامج هو تحليل البيانات والإحصائيات بالإضافة إلى تقديم التعليقات الفورية والتفاعل مع الجمهور الرياضي ووفقاً لدراسة "ESPN"، فإن 60% من المشاهدين يعتمدون على التعليقات التحليلية لفهم الأحداث الرياضية.
5- تقنيات إدارة برامج الواقع
التعامل مع السيناريوهات غير المتوقعة، التفاعل مع المشاركين، وضمان تدفق البرنامج بشكل سلس. إحصائيات "Cision" تشير إلى أن 80% من نجاح برامج الواقع يعتمد على التفاعل الطبيعي مع المشاركين.
6- إنتاج وتقديم البرامج الوثائقية
البحث ثم البحث ثم البحث من العناصر المهمة للبرامج الوثائقية بالإضافة إلى كتابة السيناريو القوي واستخدام التقنيات البصرية والسمعية لنقل المعلومات بشكل جذاب وفي دراسة أعدتها "ناشيونال جيوغرافيك" أشارت إلى أن 40% من جمهور البرامج الوثائقية يفضلون الأسلوب البصري المبتكر.
رابعاً: تحضير وتقديم البرامج
1- البحث والإعداد المسبق
إن جمع المعلومات والبيانات اللازمة وإعداد النصوص والأوراق الإرشادية والتأكد من صحة المعلومات أول خطوة يقوم بها المقدم الجيد بالتعاون مع فريق الإعداد ووفقاً لدراسة "رويترز"، فإن 75% من المقدمين يؤكدون أن الإعداد المسبق هو مفتاح النجاح في تقديم البرامج.
2- كتابة النصوص والأوراق الإرشادية
من الضروري إعداد نصوص موجهة للجمهور المستهدف ومرتبة بشكل يسهل قراءتها وفهمها مع مراعاة تسلسل الأفكار.وفي دراسة لجامعة "هارفارد" أشارت إلى أن 65% من المقدمين يعتمدون على نصوص مكتوبة لضمان الدقة في العرض.
3- التعامل مع فريق العمل
كافة البرامج تتضمن فريق عمل متكامل، وجزء من هذا التكامل هو التنسيق مع المخرجين والمصورين وفريق الإنتاج لضمان تنفيذ البرنامج بشكل سلس وفي إحصائيات نشرتها "نيلسن" تشير إلى أن التعاون الجيد مع الفريق يزيد من جودة الإنتاج بنسبة 50%.
4- التدريبات والبروفات
من المهم إجراء التدريبات والبروفات لضمان الجاهزية وتحسين الأداء والتأكد من عدم وجود أخطاء ووفقاً لدراسة "بيو"، فإن 80% من البرامج الناجحة تعتمد على تدريبات مكثفة قبل البث.
خامساً: التعامل مع المواقف الطارئة
1- التعامل مع الأعطال التقنية
إن إجراءات الطوارئ للتعامل مع المشاكل التقنية مثل انقطاع البث أوعطل في المعدات مهمة جداً وموضوع للنقاش مع فريق العمل قبل إنطلاق البرنامج لرصد مجموعة الاحتمالات وكيفية التصرف فيها و إحصائيات "Cision" تشير إلى أن 20% من الأخطاء التقنية يمكن تفاديها بإجراءات طوارئ فعالة.
2- إدارة الأزمات على الهواء
من الضروري التصرف بسرعة واحترافية في حالات الأزمات مثل انقطاع الكهرباء أو الحوادث المفاجئة، ففي دراسة "جامعة كاليفورنيا" أشارت إلى أن 70% من المقدمين يعتبرون أن إدارة الأزمات مهارة حيوية.
3- التصرف في الحالات غير المتوقعة
من المهم أن تكون لدى المقدم القدرة على التكيف مع المواقف غير المخطط لها مثل تأخر الضيوف أو تغير جدول البرنامج ووفقاً لاستطلاع "غالوب"، فإن 60% من الجمهور يفضلون المقدمين الذين يظهرون مرونة في التعامل مع المواقف المفاجئة.
سادساً: التطور المهني والشخصي
1- بناء العلامة الشخصية
عامل مهم للتميز هو بناء العلامة الشخصية والتي منها تطوير أسلوب فريد وتعزيز الحضور الإعلامي وبناء علاقة ثقة مع الجمهور. وتشير إحصائيات "نيلسن" إلى أن 40% من الجمهور يتابعون البرامج بناءً على تفضيلهم للمقدمين ومدى ارتباطهم به.
2- تطوير المهارات والتعلم المستمر
من المهم المشاركة في الدورات التدريبية ومتابعة التطورات في مجال الإعلام وتحسين المهارات الشخصية، ووفقاً لدراسة لجامعة "هارفارد"، فإن 85% من المقدمين الناجحين يشاركون بانتظام في دورات تطوير مهني.
3- التغذية الراجعة وتحليل الأداء
عليك عزيز المقدم أن تقوم باستقبال التغذية الراجعة من الجمهور والزملاء وتحليل الأداء الشخصي والعمل على تحسينه، وتشير إحصائيات "بيو" إلى أن 60% من المقدمين يعتمدون على التغذية الراجعة لتحسين أدائهم.
4- التعامل مع النقد والتحديات
إن التعامل مع النقد بشكل بناء ومواجهة التحديات بمرونة واحترافية والعمل على تحسين الأداء باستمرار عوامل كفيلة بتقوية وتطوير الأداء في المستقبل ووفقاً لاستطلاع "غالوب"، فإن 70% من المقدمين يرون النقد فرصة لتحسين مهاراتهم.
سابعاً: الأخذ بعين الاعتبار
1- الأخلاقيات المهنية والمسؤولية الاجتماعية
لابد للمقدم من الإلتزام بالأخلاقيات المهنية واحترام القيم والمبادئ وتحمل المسؤولية الاجتماعية تجاه الجمهور وفي دراسة لجامعة "كاليفورنيا" أشارت إلى أن 50% من الجمهور يقدرون المقدمين الذين يظهرون التزاماً أخلاقياً.
2- استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز الحضور التلفزيوني
من العوامل المكملة للتجربة الإعلامية هو التفاعل مع الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتعزيز الحضور الإعلامي والترويج للبرامج فوفقاً لإحصائيات "نيلسن"، فإن 30% من الجمهور يتابعون البرامج التلفزيونية بناءً على الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
3- الاتجاهات الحديثة في التقديم التلفزيوني
الإطلاع على كل ماهو جديد ومتابعة الاتجاهات الحديثة في التقديم التلفزيوني مثل استخدام الواقع الافتراضي والبث المباشر عبر الإنترنت والتفاعل مع الجمهور في الوقت الحقيقي والفعلي عناصر تحافظ على استمرارية مقدمي البرامج، وفي إحصائيات لوكالة "رويترز" فإنها تشير إلى أن 25% من البرامج الجديدة تعتمد على التقنيات الحديثة في التقديم.
4- التفاعل مع الجمهور عبر منصات متعددة
من المهم توسيع نطاق التفاعل مع الجمهور عبر منصات متعددة مثل التلفزيون والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. فوفقاً لدراسة لجامعة "هارفارد"، فإن 40% من الجمهور يفضلون المقدمين الذين يتفاعلون معهم عبر منصات متعددة.
5- إدارة العلاقات العامة والشخصية العامة
من الضروري التفاعل مع وسائل الإعلام الأخرى وبناء علاقات جيدة مع الزملاء والشركاء وإدارة الصورة العامة بشكل احترافي. إحصائيات "Cision" تشير إلى أن 50% من المقدمين يرون أن العلاقات العامة الجيدة تعزز من نجاحهم المهني.
6- نصائح نهائية لمقدمي البرامج التلفزيونية الجدد
للمقدمين الجدد، من الضروري البدء بتعلم الأساسيات والتطوير المستمر والاهتمام بالتدريبات والبروفات والتفاعل الإيجابي مع الجمهور والضيوف بالإضافة إلى الالتزام بالأخلاقيات المهنية، وستكون كلها عوامل مساعدة في بناء مسيرة مهنية ناجحة، ولا تنسوا أن تكونوا مرنين وقادرين على التكيف مع التغيرات والتحديات التي قد تواجهكم في هذا المجال.
Comments